Friday, January 1, 2010

تأملات في خلق الحياة



تكمن حكمة الله في خلقه للحياة علي الأرض بخلقه لادم وحواء معاً .. فكثيرٌ منا من يؤمن بان الله قد خلق ادم , ثم كان ادم هو السبب في خلق حواء ... وان هذا الامر يُبرر فرض سيطرة الرجل علي المرأة متمسكاً بمبدأ القوامة وانه هو صاحب الفضل - وان لم يكن الاول - في وجود المرأة.

ولكن لو دققنا النظر والتزمنا الحياد نجد ان الله عز وجل شكّل ادم بيديه الكريمتين ثم نفخ فيه من روحه عز وجل فدبت فيه الحياة بكل كيانه ... قلبه وعقله وجلده وعِظامه وضلوعه .... الخ , ثم اخرج حواء من إحدي تلك الضلوع التي قد دبت فيها الحياة مسبقاً - دون ان يستأذن ادم او يستشيره - فسواه مخلوقة جميلة رقيقة , سماها حواء وليس (ضلع ادم).


كذلك فإن الله عندما نفخ في ادم من روحهِ , فإن روحهُ عز وجل لم تنقص قدر أُنمُلة - وهي صفة الصانع - , اما ادم فقد تنازل عن ضلعاً من ضلوعة - وهي صفة المستغل او المستعير-.


ولونظر العقل بإمعان في هذه العملية يجد رسالة اراد الله سبحانه ان يُبلغنا بها ... فتخيل لو قام شخص بانتزاع ضلعاً من قفصك الصدري وفصله عن جسدك ... فمن المؤكد انك لن تكون سعيداً بذلك .. وربما يقضي عليك الألم ... حتي لو ذهبت الي أمهر الأطباء فعالج الامك باحتراف , فانك ستظل طوال عمرك تشكو من انتقاص جسدك ... وبالطبع سيتغير اسلوب حياتك في المشي والجلوس وحمل الاشياء , بل وربما يتغير شكلك الي حد كبير, فما بالك ايضاً لو كان هذا الضلع هو نفسه الذي يحمي قلبك من ان يتمزق جراء ضربة عنيفة .


يبدو انك فقدت شئ غالياً ولا يعوض.......


إذاً ماذا تفعل لو عاد ذلك الشخص ليعرض عليك ان يرد اليك ضلعك العزيز ويضعه في مكانه ليحتضن قلبك من جديد يحميه ويحفظه ؟؟


كم ستدفع ثمنا لذلك ؟؟ .. ربما كنوز الارض لن تكفي ثمناً لهذا الضلع ولو ضاعفتها اضعافاً


ولكن الثمن ليس بهذا البهظ ... فان هذا الشخص يشترط عليك فقط ان تحمي هذا الضلع وتصونه وان تقوم علي راحته واستقراره في جسدك ..... يشترط عليك انت تحبه وتُدللة وتلبي احتياجاته .... فهل تقبل بها شروط ؟؟؟؟


اعتقد ان الاجابة اكثر وضوحاً من ان تعبر عنها كلمات.


فهكذا خلق الله ادم ثم انتزع منه جزءً مهماً ... ضلعا كان يلتف حول قلبه ليحميه ... ولكنه لم يذهب بعيداً هذا الضلع .... فقد تمثل في اجمل انسانة علي وجه الأرض .... حواء .. المرأة .. التي كنت وماذلت تحمي قلبك وتحفظه .. ضلعك الذي جعله الله في حاجة دائمة اليك لتشعره بالدفئ والاحتواء ... وجعلك في حاجة دائمة اليه لتشعر معه بالسعادة والاستقرار..


ان علاقة ادم بحواء لم تكن علاقة مخلوقين ببعضهما البعض ... وانما كنت علاقة مخلوق واحد بجزء لا يتجزء من كيانة .. خرج منه ثم عاد اليه ... فحاول يا ادم جاهداً ان تصون هذا الجزء كما تصون بقية الاجزاء ... فهل سألت نفسك يوماً لماذا ترك الله مكان هذا الضلع خالياً في قفصك الصدري؟؟


ولماذا تشعر حواء دائماً بالاحتياج الي الحضن الدافئ لتشعر بالامان داخله ؟؟؟